التشمع الكبدى
(Liver cirrhosis)

التشمع الكبدي: هو النتيجة النهائية اللاعكسية للتندب الليفي وتجدد الخلايا الكبدية الذين يشكلان استجابة الكبد لعدد من العوامل التي تؤذيه ذات المنشأ الالتهابي أو السمي أو الاستقلابي أو الاحتقاني. عندما حدث الإصابة بالتشمع تتغير البنية الفصيصية السوية للكبد ويستعاض عنها بشرائط من النسيج الليفي تحيط بعقيدات ناشئة من بؤر الخلايا الكبدية المتجددة.
وذلك يؤدى إلى زيادة الضغط البابي وحدوث تحولات داخل الكبد. كما تضطرب وظيفة الخلية الكبدية بسبب عدم كفاية الجريان الدموي واستمرار التأثير الضار المباشر على الخلايا الكبدية.

تشمع الكبد هو رقم 15 من مسببات الوفاة المرضية حيث يؤدي إلي وفاة حوالي 26.000 شخص سنويا.

أسبابه:

  1. التهاب الكبد الكحولي( الناتج عن تعاطي الكحوليات):

    - يكون التشمع الكبدي مصاحب لإدمان الكحوليات المزمن في عدد كبير من الأفراد, و لكن في الواقع تعاطي الكحوليات هو واحد من المسببات الرئيسية وليس السبب الوحيد.
    - تشمع الكبد الناتج عن تعاطي الكحوليات دائما ما يحدث بعد فترات من التعاطي المكثف.
    - كمية الكحول المسببة لضرر الكبد تختلف من شخص لآخر حيث أنه بالنسبة للسيدات مرتين أو ثلاث مرات من التعاطي يوميا يمكن أن تؤدي إلي تشمع الكبد أما بالنسبة للرجال فمن 3 إلي 4 مرات في اليوم.
    - و الكحول يؤدي إلي هذا الضرر البالغ في الكبد عن طريق منع الكبد من القيام بعمليات الأيض الخاصة بالبروتينات و الدهون و السكريات.

  2. التهاب الكبد الوبائي سي:

    الالتهاب الوبائي سي يعتبر من أكثر العوامل المسببة لأمراض الكبد المزمنة و منها التشمع الكبدي. والإصابة بالفيروس تؤدي إلي التهاب الخلايا الكبدية و بعد فتره طويلة من الإصابة المزمنة به يتحول الكبد الملتهب إلي كبد متشمع.

  3. العدوى المشتركة المزمنة بالفيروس الكبدي بي و دي:

    العدوى بالفيروس الكبدي بي من أكثر المسببات شيوعا للتشمع الكبدي في جميع أنحاء العالم و لكنه الأقل شيوعا في الولايات المتحدة و بلاد الغرب.
    العدوى بالفيروس بي مثل العدوى بالفيروس سي حيث تؤدي إلي الاصابه بالالتهاب الكبدي المزمن و بعد فتره تؤدي إلي تشمع الكبد.
    أما الفيروس دي فهو يصيب الأفراد المصابين بالفيروس بي فقط. و تكون الاصابه المشتركة به مع الفيروس بي اصابه مزمنة و يكون تأثيرهم علي الكبد سويا أكثر ضررا لها.

  4. الالتهاب الكبدي الناتج عن المناعة الذاتية:

    الإصابة بهذا النوع من الالتهاب يكون عن طريق نشاط جهاز المناعة حيث يهاجم الكبد و يؤدي إلي التهاب الخلايا الكبدية و دمارها و تحويلها إلي كبد متشمع.

  5. التهاب الكبد الغير كحولي الناتج عن زيادة الدهون (NASH) :

    حيث تزيد نسبة تراكم الدهون بالكبد مما يؤدى إلى تكوين نسيج متندب. وهذا النوع من الالتهاب الكبدي عادة ما يظهر مع مرض السكر, السمنة, العلاج بالكورتيزون, الخلل في الغذاء البروتينى.

  6. انسداد القناة المرارية:

    عندما يحدث انسداد في القناة التي تحمل العصارة الصفراوية خارج الكبد, فان هذه العصارة تعود الكبد وتتراكم بها وتحدث دمار في النسيج الكبدي.
    في الأطفال الرضع: انسداد القناة المرارية يكون شائع بسبب biliary atresia حيث تكون هذه القناة إما غير موجودة أو بها إصابة ما.
    في البالغين: يكون السبب الأكثر شيوعا هو primary biliary cirrhosis (تشمع القناة المرارية) حيث يحدث بهذه القنوات التهاب وانسداد عن طريق تندبات تظهر بها.
    Secondary biliary cirrhosis او تشمع القنوات المرارية الثانوي والذي يمكن حدوثه بعد عمليات إزالة المرارة.

  7. العقاقير والسموم والعدوى الطفيلية:

    التفاعلات الناتجة عن تعاطى العقاقير لمدة طويلة
    التعرض المستمر للسموم الناتجة عن الملوثات البيئية
    العدوى الطفيلية مثل البلهارسيا

أعراضه:

-هناك أشخاص كثيرون مصابين بتشمع الكبد لا يظهر عليهم أعراض في المراحل الأولى من الإصابة.
-ومع تحول النسيج السليم إلى كبدي متندب (متشمع) يبدأ فشل الكبد في أداء وظائفه وتظهر الأعراض الآتية:-
الضعف العام - فقد الشهية - فقد الوزن - ألم فى البطن - ظهور أوعية دموية فى الجلد تشبه العنكبوت وتسمى spider angiomas.
- ومع تطور حالة المريض تظهر بعض الأعراض في بعض الأشخاص.

الأعراض والمشاكل الناتجة عن تطور حالة التشمع:

فقد الكبد لوظائفها يؤثر على الجسم ويؤدى إلى مشاكل وخلل في وظائف أخرى في الجسم:

  1. الاستسقاء (oedema or ascites):

    عندما تفشل الكبد في إنتاج بروتين الالبيومين فان الماء يتجمع في القدم ويكون oedema أو في البطن ascites
  2. زيادة النزف (السيولة):

    حيث يقل معدل إنتاج الكبد للبروتينات اللازمة لتجلط الدم وبذلك فان الشخص المصاب بالتشمع يحدث له النزيف بسهولة.
  3. زيادة نسبة الصفراء في الدم (اليرقان):

    حيث يظهر اصفرار في الجلد والعين وذلك بسبب قلة كفاءة الكبد في امتصاص مادة البيليروبين من الدم.
  4. الهرش: عند زيادة نسبة الصفراء فإنها هي ومشتقاتها تترسب في الجلد مم يؤدى إلى تكوين الهرش الشديد.
  5. حصوات المرارة: التشمع يمنع وصول الصفراء إلى المرارة مما يؤدى إلى تكوين حصوات المرارة.
  6. زيادة نسبة السموم في الدم والمخ:
    الكبد المدمر لا يستطيع إزالة السموم من الدم مما يؤدى إلى تراكمها في الدم وأيضا في المخ (من الدم الذي يدخل الأوعية الدموية التي تغذى المخ) وهذه السموم يمكن أن تؤدى إلى ضعف في وظائف المخ مما يؤدى إلى تغير في الشخصية (المزاج), غيبوبة, ويمكن أن تؤدى إلى الموت.
    ومن أعراض تراكم السموم في نسيج المخ:
    اللامبالاة - النسيان - مشاكل في التركيز - مشاكل في النوم والراحة.

  7. الحساسية للعلاج:
    تشمع الكبد يؤدى إلى بطء قدرة الكبد على التخلص من الجرعات الزائدة من الأدوية من الدم بالمعدل الطبيعي وبذلك فان هذه العقاقير تعمل في الجسم لفترات اكبر من المتوقعة لها ويمكن أن تتراكم في الجسم وهذا يؤدى إلى زيادة الحساسية للعلاج والأعراض الجانبية.
  8. زيادة ضغط الوريد الكبدي البابي:
    الدم المحمل بالمواد الضرورية للعمليات الحيوية في الجسم يأخذ مساره من الأمعاء و الطحال إلي الكبد عن طريق الوريد الكبدي البابي و لكن في حالة التشمع الكبدي يزيد الضغط في هذا الوريد لقلة معدل سريان الدم فيه إلي الكبد.
  9. الدوالي:
    كنتيجة لزيادة الضغط في الوريد الكبدي البابي فالدم الذي يأتي من الأمعاء والطحال يعود إلى الأوعية الموجودة في المعدة والمريء وبذلك تتمدد هذه الأوعية الدموية وتكبر في الحجم لأنها غير مؤهلة لحمل هذه الكمية الضخمة من الدم. وهذا يسبب ما يسمى بدوالي المريء ودوالي المعدة وفى هذه الحالة ترق هذه الأوردة ونتيجة لزيادة الضغط بها تنفجر مما يؤدى إلى نزيف حاد في الجزء العلوي من المعدة والمريء.
  10. مقاومة الجسم لتأثير الأنسولين وحدوث النوع الثاني من مرض السكر:
    التشمع الكبدي يؤدى إلى مقاومة تأثير الأنسولين وعند حدوث هذا فان خلايا العضلات والخلايا الدهنية وخلايا الكبد لا تستطيع استخدام الأنسولين بالصورة المعتادة. ولكن البنكرياس لا يستطيع في هذه الحالة أن ينتج الكمية التي يحتاجها الجسم مما يؤدى إلى حدوث النوع الثاني من مرض السكر.
  11. ورم (سرطان) الكبد:
    ورم (سرطان) الخلايا الكبدية هو نوع من أورام الكبد والذي يحدث بسبب أو كنتيجة لتشمع الكبد والذي يحدث في النسيج الكبدي نفسه والذي يؤدى للوفاة.

التشخيص:

يمكن تشخيص التشمع عن طريق الأعراض والتحليل المعملي أو بالتاريخ العلاجي للمريض أو بالكشف الظاهري.
على سبيل المثال في حالة الكشف الظاهري يلاحظ الطبيب بأن الكبد به درجة صلابة عن المعتاد أو ان حجمه أكبر من الطبيعي مع طلب التحاليل التي تظهر وجود أمراض كبدية.
وإذا أراد الطبيب التأكد من الفحص يمكنه طلب بعض أشعة مثل CAT (computerized axial tomography)
أو موجات فوق صوتية أو أشعة رنين مغناطيسي أو عن طريق فحص الكبد ببعض النظائر المشعة أو عن طريق الأشعة المقطعية.
عينة الكبد liver biopsy تؤكد التشخيص حيث تظهر بالفحص المجهرى تندب الخلايا أو أي أعراض أخرى للمرض.

علاج التشمع الكبدي:

لايمكن تعويض الخلايا الكبدية المدمرة ولكن بالعلاج يمكن إيقاف التشمع وتقليل الأضرار والمشاكل الناتجة عنه.
والعلاج يعتمد على سبب التشمع وعلى الأضرار الناتجة عنه على سبيل المثال: التشمع الناتج عن الكحوليات يتم علاجه (إيقافه) عن طريق الإقلاع عن تعاطى الكحوليات ومنع التشمع الناتج عن الالتهاب الكبدي يعتمد على علاج الفيروس المسبب لهذا الالتهاب مثل الانترفيرون في حالة (الالتهاب الكبدي الوبائي) والكورتيكوستيرويد في حالة الالتهاب الكبدي الناتج عن الفعل المناعي الذاتي
التشمع الناتج عن مرض ولسون (وفيه تزداد نسبة النحاس في الجسم) يعالج بعلاج أو إزالة الكميات الزائدة من النحاس

بصفة عامة: معرفة ومتابعة سبب التشمع الكبدي وأتباع نظام غذائي سليم والامتناع عن الكحوليات من الأشياء والهامة لوقف التشمع الكبدي وتطوره لأورام كبدية.
العلاج أيضا يحتوى على علاج المضاعفات الناتجة عن التشمع مثل الاستسقاء فيمكن علاجها بوصف الغذاء الذي يقل فيه الصوديوم أو استخدام مدرات البول.